أكد إعلاميون ومختصون شاركوا في منتدى الإعلام العربي أهمية استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي والخصائص التي تتيحها في إنتاج محتويات رصينة قادرة على المنافسة والبقاء، فيما يبقى دور العنصر البشري محورياً وفاعلاً داخل إطار العملية الإعلامية، مشددين على ضرورة الالتفات إلى التحديات التي تثيرها في العادة هذه التقنيات كمصداقية المعلومات والمحتويات المرئية والأخبار المضللة لضمان تقديم معلومات دقيقة وموثوقة.

وارتأى المشاركون ضرورة مواكبة المؤسسات الإعلامية لخططها التطويرية نحو الرقمنة، واستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرمجياته وتطبيقاته، والعمل على تطويعها من أجل تجويد العمل الإعلامي وأدواته، مشيرين إلى أن نجاح استثمار التقنيات الحديثة في تعزيز قدرة الإعلام على نقل المعلومات والأخبار بشكل فعّال ومبتكر، يرتبط بتأهيل الكوادر وتدريبها وجاهزية البنية التقنية للمؤسسات.

وتقول أمل بن شبيب الرئيس التنفيذي لمختبر دبي للتصميم التابع لمؤسسة دبي للمستقبل: إنه يجب تعزيز الوعي بين الشباب وأفراد المجتمع ليكونوا قادرين على انتقاء المعلومات من مصادرها الموثوقة لاسيما وأن الجميع يمتلكون هواتف ذكية موصولة بالإنترنت ويستطيعون توثيق الأحداث ونقلها، كما أن الذكاء الاصطناعي يتحلى بإمكانات هائلة وقد يلعب دوراً كبيراً في تشويه المعلومات بالإضافة إلى تطوراته المتلاحقة والمتسارعة والتي لا نستطيع التنبؤ بها حالياً، إلا أنه ينبغي تحري الدقة في نقل المعلومات وتلقيها عن طريق الاعتماد على المصادر الموثوقة.

عمليات البحث
آمال الراشدي مقدمه برامج في مؤسسة الإذاعة التونسية، قالت «نحن أمام طفرة إعلامية جديدة من تطور تكنولوجي متسارع وعلى وسائل الإعلام توظيفه لصالحها حتى لا تتأخر عن الركب وخاصة في ظل وجود الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يشكل فرصة لتحويل صناعة الإعلام وتعزيزها، ويعمل على تحسين جودة المحتوى، وتوفير تجارب مستخدم مخصصة».

وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي يسهل عمليات البحث والتحقق من الحقائق وتحليل البيانات الضخمة، ويمكن للأدوات الذكية تجميع وتحليل المعلومات بسرعة وكفاءة، كما انه يسهل عمل الإعلاميين ويتيح استخدام تقنيات التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية لتحسين جودة المحتوى الإعلامي وتعزيز تجربة المستخدم، مشيرة إلى أن ما يشاع حول استبدال مقدمات البرامج التليفزيونية بأخريات بخواص الذكاء الاصطناعي، لا يشكل خطراً على المهنة .

تغيرات
واعتبر الدكتور فيصل فرحي أستاذ مشارك بجامعة العين، أن الذكاء الاصطناعي سيغير شكل الإعلام مستقبلاً ويكون له تأثير جوهري خاصة على الإطار والشكل الذي توضع وتصاغ فيه المعلومات والأخبار، بالإضافة إلى سرعة الحصول على المعلومة وتحليلها ونشرها، كما انه سيساهم في استحداث آليات جديدة وتوليد ومعالجة كم هائل من المعلومات والصور بشكل آلي، بما ينعكس مباشرة على نوعية المادة الإعلامية ويوفر الوقت والموارد المادية والبشرية. ولفت إلى أن هذه التغيرات في بدايتها غريبة وغير مألوفة لدى قطاع كبير من العاملين في حقل الإعلام بشكل خاص وعموم الجمهور المتلقي، لكن من المتوقع أن تتلاشى هذه التخوفات مع مرور الوقت ومع التعلم والممارسة.

أداة فعالة
وتوقع فرحي أن يمثل «الشات GPT» الذي يمثل أحد ملامح الذكاء الاصطناعي آداة فعالة لنشر المعلومة المكتوبة ويساعد بشكل فعال في إنشاء المحتوى الصحفي بشكل سريع وفعال، في المقابل غير قادر حالياً على تحليل السياق وفهم العواطف وتقدير المشاعر.

تقنيات جديدة
وقال شفيق أحمد السيد عمر المدير العام لمؤسسة الإنتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، إن ظهور الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحديثة قد أحدثا ثورة في صناعة الإعلام والتصوير بشكل خاص، إذ فتحت هذه التقنيات الجديدة أبواباً واسعة للإبداع والتجربة في صناعة السينما والتصوير، وجعلت العملية أكثر سهولة وكفاءة.

ولفت على أن استخدام الذكاء الاصطناعي يمكن استخدامه في تحسين عمليات ما بعد الإنتاج مثل تحرير الفيديو وإضافة تأثيرات صوتية وتحسينات أخرى، ويمكن للتقنيات الحديثة مساعدة الإعلاميين بشكل عام على تحقيق رؤى فنية محددة وتحسين جودة العمل النهائي. وذكر أن هذه التكنولوجيا لا تزال تتطور بشكل سريع، وقد نشهد تحسينات أكبر في المستقبل، ويمكن أن يؤدي تطور الذكاء الاصطناعي إلى توسيع حدود الإبداع والمزيد من الابتكارات في صناعة الأفلام والتصوير.

وتطرق إلى أهمية توعية المجتمع بما يصاحب استخدام الذكاء الاصطناعي من سلبيات تتمثل في انتحال الشخصيات ونشر الأخبار الزائفة، لذلك لابد من وضع ضوابط وإجراءات تحد من تلك السلبيات.

نقل المعلومات
واعتبرت الدكتورة رحيمة عيساني، عميد كلية الاتصال والإعلام في جامعة العين، أنه مع استمرار تقدم تكنولوجيا المعلومات والروبوتات، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن تكامل الذكاء الاصطناعي في مختلف المجالات لم يعد شيئاً من المستقبل بل أصبح حقيقة واقعية، مفيدة بأن الإعلام أحد هذه المجالات، حيث تحدث أدوات الكتابة والتحرير والإنتاج والإخراج بمساعدة الذكاء الاصطناعي الذي أصبح يشكل ثورة في طريقة صناعة ونقل المعلومات والأخبار والمحتويات المختلفة إلى المتلقين.

توظيف البيانات
وأوضحت أن الاستخدام المعقول للذكاء الاصطناعي لتخطيط ونشر الأخبار في الوقت الفعلي لا يمكن أن يحسن جودة توزيع الأخبار فحسب، بل يوسع نطاق تطبيق التّكنولوجيا الحالية، كما تتيح أدوات الذكاء الاصطناعي للصحفيين والمحررين والمراسلين أن يكونوا أكثر إنتاجية وكفاءة، وتسهل عملية الكتابة وإنشاء المحتوى، والاستفادة من قدرات والتعلم الآلي، و العميق، ومعالجة اللغة الطبيعية لمساعدة الصحفيين في البحث وكتابة القصص.

وذكرت أن تقنيـات الـذكاء الاصطناعي تثير إشكاليات متعددة من حيث الاستخدام وقبول الأفراد والمؤسسات لها وارتياحهــم للتّفاعــل مــع الآلات بديلاً عـن البشر، ومخاوف متعلقة باختراق خصوصيـة الأفراد والمؤسسات توظيـف بياناتهم ضمـن حـزم البيانـات الضخمـة التـي يعتمد عليها الـذكاء الاصطناعي، واحتمالات الافتقاد للموضوعية والدقة والتوازن في توفير المعلومات والبيانات واستخدامها بشكل صحيح.

تجربة شخصية
وقال مصطفى النعيم منتج ومقدم البرامج في قناة السودانية 24 إن توظيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي واستثمار التقنيات المتطورة في هذا المجال،والعمل على دمجها في صناعة الإعلام بشكل عام، بات واقعاً معاشاً، مشيراً إلى تجربته الشخصية من خلال الاستعانة بـ «الشات جي بي تي» في كتابة نص بيد أنه يرى أن ما كان ينقص النص هو روح الكاتب نفسها، والذي لا يمكن أن تعوضه الآلة، وذكر أن التقنيات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي تشكل عاملاً مساعداً في إنتاج المحتوى عبر برامج تستخلص بيانات هائلة من الأرشيف الرقمي، ثم تقوم بتحريرها وتدقيقها، وهو ما يساعد الوسيلة الإعلامية على إنجاز محتوى رصين بل ويضمن لها أيضاً سرعة الانتشار والوصول.

اقتناص الفرص
الذكاء الاصطناعي سيدخل في كافة المجالات وعلى رأسها الإعلام بشتى أنواعه وفقاً للدكتور خالد غطاس، المؤثر والمتخصص في السلوك البشري، معتبراً أن على وسائل الإعلام اقتناص الفرصة والاستفادة منه لكون هذه التقنيات ذراع دعم تمكن الجهات الإعلامية من الوصول إلى أكبر عدد من المجتمع، بيد أنه يرى أن هناك حاجة أيضاً لوضع ضوابط منظمة لتطويق الممارسات الخاطئة كالأخبار الزائفة وانتحال الشخصية عبر تقنية الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه ينبغي رفع سقف الوعي جنباً إلى جنب مع التشريعات والقوانين الضابطة.

وقال على المؤسسات الإعلامية أن تواكب خططها التطويرية نحو الرقمنة، واستثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي وبرمجياته وتطبيقاته، والعمل على تطويعها من أجل تجويد العمل الإعلامي وأدواته.

وقال الهاشمي نويره مستشار اتحاد الصحفيين العرب، إن مسألة استخدام الذكاء الاصطناعي في مجال الإعلام هو قضية شائكة، مشيراً إلى أن هذه التقنية ستقوم بتعويض بعض النواقص في الصناعة إلا أنه لا شك في أن الإعلام والصحافة مسألة مهنية بحتة وخاضعة لنواميس وقوانين المهنة وهي حرفة مثل الطب والهندسة وغيرها والتي لا تعوض بالآلة ولا تعوض العلاقة المباشرة بين طرفي العلاقة وهما صانع ومقدم المحتوى والمتلقي وأكد الأصل في هذه العلاقة هو الإعلام التقليدي كونه القادر على وضع السياسات وتوجيهها ولا يمكن أن يحل الذكاء الاصطناعي بديلاً للصحف الموثوقة.

محمد الريسي: التقنيات لن تلغي وجود الإعلامي
أكد جلال الريسي مدير عام وكالة أنباء الإمارات أن التكنولوجيا ستسهم في تأهيل الإعلاميين وتساعدهم في صنع محتوى أجود باستخدام الأدوات التكنولوجية ولا سيما الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أن هذه التقنيات لن تلغي وجود الصحافي أو الإعلامي في هذا الحقل إذ أن هناك أخبارا تنطوي على جانب إنساني وهو ما قد لا تستطيع الآلة أو الروبوت تقديمه خلال السنوات المقبلة، لاسيما وأن الصحافي أو الإعلامي الإنسان يعتبر هو حارس البوابة.

وأشار إلى أنه من المهم حشد التواجد العربي في المولدات التي توفر المواد الأساسية لأي ذكاء اصطناعي لنكون موجودين بقوة في هذا الجانب لكي نتجنب التحديات التي تواجه هذه التقنية سواء في مجال الإعلام وغيره. وأضاف إن الذكاء الاصطناعي له تأثير كبير على قطاع الإعلام من خلال تطوير النماذج اللغوية والصور التي يتم استخدامها لتوليد المحتوى بشكل آلي.

شاركها.

اترك تعليقاً

2023 © السعودية تايمز. جميع حقوق النشر محفوظة.